ما خاب من استشار
وحكى محمد بن عبدوس الجهشياري، في كتاب الوزراء:
أن المنصور لما حج، بعد تقليد المهدي العهد، وتقديمه فيه على عيسى بن موسى،
دفع عمه عبد الله بن علي، إلى عيسى بن موسى، ليعتقله، وأمره سرا بقتله،
وكان يونس بن أبي فروة يكتب لعيسى بن موسى.
فعزم عيسى على قتل عبد الله بن علي، ثم تعقب الرأي، فدعا بيونس، فخبره بالخبر، وشاوره.
فقال له يونس: نشدتك الله أن لا تفعل، فإنه يريد أن يقتله بك، ويقتلك به، لأنه أمرك بقتله سرا، ويجحدك ذلك في العلانية،
ولكن استره حيث لا يطلع عليه أحد، فإن طلبه منك علانية، دفعته إليه، وإياك أن ترده إليه سرا أبدا، بعد أن قد ظهر حصوله في يدك علانية، ففعل عيسى ذلك وانصرف المنصور من حجه،
وعنده أن عيسى قد قتل عبد الله، فدس إلى عمومته، من يشير عليهم بمسألته في أخيهم عبد الله، فجاءوه يسألونه ذلك،
فدعا بعيسى بن موسى، وسأله عنه بحضرتهم.
فدنا منه عيسى بن موسى، وقال له، فيما بينه وبينه: ألم تأمرني بقتله؟
قال: معاذ الله، ما أمرتك بذلك، كذبت.
ثم أقبل على عمومته، فقال: هذا قد أقر بقتل عبد الله، وادعى علي أني أمرته بذلك، وقد كذب، فشأنكم به.
قال: فوثبوا عليه ليقتلوه، فلما رأى صورة أمره،
صدق أبا جعفر، وأحضر عبد الله، فسلمه إليه بمحضر من الجماعة.
فكان عيسى يشكر ليونس بن أبي فروة ذلك، مدة عمره.
(( الحكمة ))
ماخاب من استشار
لكن ليس كل من هب ودب مستشار وإنما الناصح الأمين