أول ما نزل من القرآن
أول ما نزل من القرآن على وجه الإطلاق قطعا الآيات الخمس الأولي من سورة العلق، وهي قوله تعالى :
(اقرأ باسم ربك الذي خلق(1) خلق الأنسان من علق(2) اقرأ وربك الأكرم(3) الذي علم بالقلم(4) علم الأنسان ما لم يعلم(5) (العلق:1- 5) .
ثم فتر الوحي مدة ، ثم نزلت الآيات الخمس الأولى من سورة المدثر ، وهي قوله تعالى : (يا أيها المدثر (1) قم فأنذر(2) وربك فكبر(3) وثيابك فطهر(4) والرجز فاهجر(5) (المدثر:1-5) .
ففي ((الصحيحين)) : صحيح البخاري ومسلم (2) . عن عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي قالت : حتى جاءه الحق ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال اقرأ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ ( يعني لست أعرف القراءة ) فذكر الحديث ،
وفيه ثم قال
اقرأ باسم ربك الذي خلق(1)) إلى قوله
علم الأنسان ما لم يعلم(5)) (العلق:1- 5).
وفيهما(3) عن جابر رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث عن فترة الوحي :
( بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء .... ) فذكر الحديث ،
وفيه ، فأنزل الله تعالى: (يا أيها المدثر (1) قم فأنذر(2) إلى ( والرجز فاهجر(5) (المدثر:1-5) .
وثمت آيات يقال فيها : أول ما نزل، والمراد أول ما نزل باعتبار شيء معين ، فتكون أولية مقيدة مثل : حديث جابر رضي الله عنه في ((الصحيحين ))(4) .
إن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأله: أي القرآن أنزل أول؟ قال جابر
يا أيها المدثر) (المدثر:1) قال أبو سلمة : أنبئت أنه
(اقرأ باسم ربك الذي خلق) (العلق:1)
فقال جابر : لا أخبرك إلا بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جاورت في حراء فلما قضيت جواري هبطت ...) فذكر الحديث وفيه :
( فأتيت خديجة فقلت : دثروني ، وصبوا علي ماء باردا ، وأنزل علي : (يا أيها المدثر) (المدثر:1) إلى قوله
والرجز فاهجر) (المدثر:1-5) ).
فهذه الأولية التي ذكرها جابر رضي الله عنه باعتبار أول ما نزل بعد فترة الوحي ، أو أول ما نزل في شأن الرسالة ؛ لأن ما نزل من سورة اقرأ ثبتت به نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وما نزل من سورة المدثر ثبتت به الرسالة في قوله ( قم فأنذر) (المدثر:2)
ولهذا قال أهل العلم : إن النبي صلى الله عليه وسلم نبئ ب(اقرأ) (العلق:1) وأرسل ب المدثر) (المدثر:1)
من كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله