لى النوبلية توكل كرمان
اكرم الحريري
السبت 21 يوليو 2012 01:53 صباحاً
صفحة اكرم الحريري
اكرم الحريري rss
اقرأ للكاتب
عند سماعنا بل سماع العالم بأسره لذلك الخطاب الذي قدمته عند استلامك لجائزة نوبل ووعودك بنشر السلام ومحاولة تمكينه وفرضه في كل رقعة وبقعة من بقاع الأرض، صدقناك في لحظة لم تصدقي فيها نفسك، لأنك وحدك كنت تدركين حجم القيود المفروضة عليك.
وعدت بأن تكوني وسيطة للسلام وفارضة له في العالم، ولكن معك يصدق القول: أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك استعجب.
لكنني أرجع وأقول إذا عرف السبب بطل العجب، فليس غريبا أنك تدعين نشر السلام كونك إنسانة محبة للسلام ولكن لك حزبا يملي عليك ويحدد لك أفعالك ومواقفك.
عزيزتي توكل سعدت يوم سمعت إعلان فوزك بالجائزة كونك أول امرأة عربية تنالها، خصوصا وأنت الأقرب إلى أرض الجنوب والأكثر معرفة ودراية بالقضية الجنوبية بكل أبعادها.
كنت أعتقد أن إلمامك أكثر من غيرك بالقضية الجنوبية وأنت المدركة لمدى الانتهاك والإقصاء والتهميش والسلب والنهب والطمس للمعالم وقتل المدنيين الحاصل في الجنوب سيجعل منك المدافع الأول عنها على المستويين المحلي والدولي.
ولم أكن أتوقع أن تكوني الأكثر هروبا وتنكرا لها. لا أقول كلامي حتى أضغط عليك لتطلقي تصريحا ناريا بخصوص قضية الجنوب، أو تطلقي استنكارا، وإنما لأذكرك بأنك قلت ذلك اليوم - يوم الجائزة - بأنك على استعداد لنشر السلام في أقصى الأرض، بينما أنت اليوم متفرجة صامتة عاجزة، وأنت قريبة في الشمال اليمني مما يدور في الجنوب، ولم تكلفي نفسك حتى النزول إلى المنصورة لمتابعة أحداثها والتعليق على ما يدور فيها من انتهاكات صارخة في حق الإنسانية، ومن قتل وترويع للنساء والأطفال والشيوخ ومن تدمير وسرقة للمحلات التجارية.
لماذا? هل لإيمانك بتلك الفتوى المشئومة التي أطلقها حزبك في العام 1994م على أبناء الجنوب، أم لأنك تتبعين إملاءات حزبك عليك.
عزيزتي وأنت المعنية الأولى الآن بشؤون السلم والسلام، ليس على المستوى اليمني والمحلي كونك يمنية بل على المستوى العالمي والدولي كونك الحائزة لجائزة نوبل للسلام، أين مواقفك? وما هي تجاه قضية الجنوب?.
لم يلاحظ العالم منك شيئا، هل السلام في نظرك هو الإطاحة بشخص علي عبدالله صالح فقط. هل السلام هو الإعداد لمؤتمر حوار عقيم وترك قضية وطن وشعب? وبيع الدماء وأرواح الشهداء؟ أين السلام ونظامكم قائم ممثلا بحماة ثورتكم؟ وأقصد حماة كبيرهم الذي علمهم السحر.
نعم، فحماة الثورة هم من أعطوه الحصانة ومن تقاسموا معه الحقائب الوزارية والمناصب وكل شيء على الأرض.
اليوم أدركت فعلا بأنك مسيرة لا مخيرة من قبل حزبك الذي منعك حتى من القيام بواجبك الإنساني، ليس تجاه شعب الجنوب فحسب بل تجاه العالم بأسره، وتجاه ضميرك الإنساني أولا، إن وجد هناك ضمير لديك، فأين هو مما حصل للجنوب. عزيزتي للإنسانية معان كثيرة قد لاتفهمينها أنت المفرخة من حزب قادم من رحم القبيلة ونهج الإمامة.
كنا نتوقع أن تتعاملي مع قضية الجنوب كتوكل الإنسانة الحائزة على نوبل للسلام والناشرة له، لا توكل القيادية في حزب الإصلاح.
تمنياتنا ورجاؤنا أن تخلعي عباءة حزبك للقيام بواجبك الإنساني. عزيزتي ثقي بأننا أبناء الجنوب لا نستجدي اعترافك بالقضية الجنوبية أو حتى حضورك إلى الأماكن التي ارتكبت فيها مذابح من قبل قواتكم العسكرية أو زيارتك لأهالي شهداء القضية الجنوبية، فلن يزيدنا ذلك شيئا ولن ينقصنا.
ثقي أنني أبعث لك هذه الرسالة لأوقظ بداخلك الضمير الإنساني ولا أتخاطب مع ضميرك الحزبي.
فقط كوني صادقة مع نفسك والعالم ومع وعودك وثقي بأننا أبناء الجنوب قادرون على فرض وإثبات قضيتنا وسلميتها على العالم بأسره، فنحن أصحاب حق وقضيتنا عادلة، بل إننا أكثر شعوب الأرض سلما ومحبة، وأنتم تدركون ذلك ولا تعترفون.
فما أنتم للسلم والسلام إلا مدعون. وتقبلي تحياتي يا راعية السلام!.
*عدن الغد