قال: بينما أنا بعرفة، إذ أنا بامرأة وهي تقول:
(من يهد الله فما له من مضل)، (ومن يضلل الله فلا هادي له) فعلمت أنها ضالة،
فقلت: لعلك ضالة؟ قالت: (ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما)، فأنخت بعيري، ونزلت عنه، وحملتها،
فقلت: من أين أنت رحمك الله؟ قالت: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى).
فعلمت أنها من أهل بيت المقدس، فجعلت أسأل عن زقاق المقدسيين، حتى انتهيت إلى قوم فسألوها فلم تكلمهم،
فقالوا: لعلها حرورية لا ترى أن تكلمنا، فقالت: (ولا تقف ما ليس لك به علم)
وحانت منها التفاتة فرأت طردانا قد عرفتها،
فقالت: (وعلامات وبالنجم هم يهتدون)
فعلمت أنها تريد الطرادات، فقصدت بها نحوها، فقلت: من أنادي؟ وعن من أسأل؟
فقالت: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) (يا يحيى خذ الكتاب بقوة) يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى)
فعلمت أنها تريد داود ويحيى وزكريا، فجعلت أقول: يا داود، يا يحيى، يا زكريا،
فخرج علي ثلاثة فتيان، فقالوا: أمنا ورب الكعبة، أضللنها منذ ثلاث.
فالتفتت إليهم، فقالت: (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما، فليأتكم برزق منه وليتلطف)
فعلمت أنها أمرتهم أن يزودني فأخذوا مزاودي فذهبوا بها إلى السوق فملأوها، ثم أتوني بها، فقلت: ما حال هذه؟ قالوا: هذه أمنا، ولمم تتكلم بشيء سوى القرآن منذ ثلاثين سنة خشية أن تزل.