إنها الثقة
أمر الله -عز وجل- إبراهيم -عليه السلام- أن يذبح ابنه إسماعيل عليه السلام: {قَالَ يَا بُنَيَّ إنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}[الصافات:102].
فتدبر أيضاً هذه المبادرة إلى الطاعة بمجرد أن يأمر الوالد ولده، وذلك في كلا الموقفين العصيبين، وما كانت هذه الطاعة لولد إلا في أجواء الثقة العميقة.
ونستزيد من سيرة القيادة العظيمة في مجال آخر، من مواقف الحبيب -صلى الله عليه وسلم- والجنود من حوله، ونستشعر مدى الثقة العظيمة المتبادلة التي كانت تظلل العلاقة بينهم، وما تؤدي إليه من حب للبذل، واستشرافٍ للعطاء، وقوةٍ في البناء.
لأنه "على قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون قوة نظام الجماعة، وإحكام خططها، ونجاحها في الوصول إلى غايتها، وتغلبها على ما يعترضها من عقبات وصعاب،{فَأَوْلَى لَهُمْ * طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ}[محمد:20-21]، والثقة بالقيادة هي كل شيء في نجاح الدعوات"[ مجموعة الرسائل - الإمام حسن البنا-364 بتصرف].
ولنا أعظم مثال في ثقة الجندي في قيادته ما كان من موقف أبي بكر -رضوان الله عليه- عندما سعى إليه رجال يسألونه عن حادث الإسراء والمعراج، فقال قولته الخالدة: "إن كان قال ذلك فقد صدق، قالوا: أتصدقه على ذلك؟ قال: إني لأصدقه على أبعد من ذلك. فسُمي من ذلك اليوم صديقاً"[نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، الخضري].
وتدبر ثقة القيادة المتبادلة، في جنودها وأنصارها، فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينا راعٍ في غنمه عدا عليه الذئب -أي هجم عليه- فأخذ منه شاة، فطلبه الراعي-أي أراد إنقاذ الشاة منه- حتى استنقذها منه، فالتفت إليه الذئب، فقال له: من لها يوم السبع -أي عند الفتن حين يتركها الناس نهبة للسباع-، يوم ليس لها راع غيري؟!) فقال الناس: سبحان الله! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فإني أومن بذلك أنا وأبو بكر وعمر)[رواه مسلم-كتاب فضائل الصحابة].
[المصدر: من مقالة مع قصة إبراهيم عليه السلام للدكتور حمدي شعيب]