الاستقلال ما بعده في الماضي وما قبله في الحاضر.
( منظور آخر )
بقلم : وضاح السقلدي
الحراك الجنوبي السلمي كلنا يعرف كيف نشأ ونعلم ورأينا الزخم الذي تميز به منذ نشوءه وحقيقتاً لن استفيض في ذلك الجانب ولكن يكفي أن أقول من وجهه نظري انه لابد أن يُدرس وتُعد دراسات حوله حتى يصير ثقافة خاصةً في الوطن العربي.
اسمحوا لي أن أعود بكم عدة سنوات إلى الخلف في بضعة اسطُر حتى استحضر وإياكم بعض الوقائع والتي لن أخوض في تفاصيلها وإنما اعرض ما استخلصته منها ألا وهي ثورة 14 أكتوبر والكفاح المسلح والبطولات والتضحيات ودماء الشهداء الزكية - والتي لم تضيع هدراً - والنصر العظيم الذي حققه ثوارنا والذي توج بالاستقلال في الثلاثين من نوفمبر من العام 1967م.
أولئك الرجال الذين استشهدوا أو توفاهم الله أو الذين لا زالوا أحياء حفظهم الله ، واسأل الله أن يطيل في أعمارهم حتى يشهدوا نصراً آخر لوطنهم واستعادة دولتهم التي ضحوا من اجلها وضحى إخوانهم الشهداء بأرواحهم من اجلها ؛ أولئك الرجال أجدادنا أو آبائُنا أو إخوانُنا أو أقاربُنا أو أصدقائُنا أولئك هم فخرنا وتضحياتهم جزء لا يتجزءا من تاريخنا والذي سطروه بتضحياتهم وبسالتهم وشجاعتهم ؛ وذاك التاريخ مسطور فيه دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية دولة مستقلة ذات سيادة وقانون وحدود برية وبحرية وجوية ومعترف بها إقليمياً ودولياً.
والتي أقيمت فوق ارض الجنوب تلك الأرض التي حمل أبنائُها مشعل العزة والكرامة مشعل الحرية جيلاً بعد جيل سطروا ملحمة العزة والإباء تعالوا عن كل شيء سموا فوق خلافاتهم واختلافاتهم حتى انتزع أبنائها حريتهم وحرية أرضهم ؛ فقد كان ضيائه كالشمس يضيء كل شبر من وطنا والذي كان يستمد وهَجهُ من نضال وتضحيات أبناء تلك الأرض الطاهرة ودماء الجرحى والشهداء الأبرار وأيضاً آمالهم لبناء شيء جميل وأحلامهم بوطن قوي متقدم ومتطور ومتجدد لأبنائهم وأحفادهم.
إلا إن تلك الشعلة المتلألئة والمتألقة والذي كان بريقها يعمي الأعداء بدأ ضيائها الوهاج بالانحسار شيئاً فشيئاً ويخبوا سطوعه بسبب الشك وألا مبالاة والتمحيص في هفوات وأخطاء الآخرين – حتى العفوية منها – والطمع وأيضاً الخوف ، اعتقد أن تلك الأسباب الأربعة احد العوامل الأساسية والمساعدة في إيصالنا لما نحن فيه من سلب للحقوق واحتلال الأرض واحتلال ألهويه.
ألان منذ نهايات العام 2006م وبدايات العام 2007م حتى العام 2011م إذا نظرنا إلى واقع الحراك من منظور عام وبغير الدخول في التفاصيل سنجد انه يحوي الكثير من ماضينا سواء الثورة ضد الظلم والتضحية لاستعادة الحرية باستثناء الكفاح المسلح - والذي اعتقد انه للأسف بات وشيكاً – ولكن القضية هنا هي أننا قفزنا قفزة سريعة إلى تلك الأربعة الأسباب والتي تفتتنا من الداخل وتجعلنا مكشوفين وكياننا هش ، فلم نصل إلى مرحلة إعلان قيام الدولة أو الاستقلال أو حتى استردادها إلا وقد بدئنا بالتشكيك - لدرجة التخوين – والطمع ... الخ.
ومن الفروق أيضاً وجود تحالف موبوء النوايا – إلا في نفوس من رحم ربي - وهو المشترك والذي الغالبية المسيطرة فيه لا تحضا بتأييد إقليمي أو دولي بسبب توجهاتهم المتشددة وميولهم للعنف وقد أثبتوه على مر سنوات طوال وبتحالف مع رئيس النظام في الشمال ؛ وقد اتخذوا من الحزب الاشتراكي حصان طروادة ليتعامل معهم العالم ككيان سياسي.
الإخوة علي ناصر وعلي البيض وحيدر العطاس - مع حفظ الألقاب - لم يبدءوا الحراك الجنوبي السلمي ، ومن المؤكد أيضاً ليس الزنداني و حزب الإصلاح ، ولم يؤسسوا له ولم يقم على أكتافهم وبدونهم لن يهلك الحراك الجنوبي السلمي ؛ هذه حقائق وعلى الشعب الجنوبي أن يثق بنفسه ومقدراته فهو من يبذل الغالي والنفيس لنيل حقوقه واستعادة دولته بأي طريقة يراها مناسبة.
علينا أن نراجع خطواتنا ونلاحظ انه عندما كان اعتمادنا على الله سبحانه وتعالى ثم على أنفسنا حقق الحراك الكثير ورسم الوحدة الحقيقية فيما بين أبناء شعب الجنوب.
خرج ملايين من أبناء الجنوب ولم يدعمهم احد فكلاً اخذ معه أكلهُ وماءهُ من حِسابِهِ الخاص ومستعدون أن يُضحوا بأرواحِهم وليس فقط بقوتهم في سبيل وطنهم.
ولكن عندما خلقوا متاهة " الولاء " وادخلوا أنفسهم فيها مزقوا أنفسهم بأيديهم ، ولم يدركوا انه عندما كان ولائهم لوطنهم فقد كان ذلك سر قوتهم ووحدة صفهم ، لم يدركوا أنهم هم الأساس وهم من يجب على القادة السالف ذكرهم أن يدينوا بالولاء للشعب وللوطن وليس العكس.
لقد ضحى الجنوبيين بالكثير من اجل الوحدة ومن اجل المحافظة عليها ، والآن آن لهم الأوان أن يضحوا من اجل وحدتهم ووحدة صفهم.
البعض يطالب بتوحد القيادات في الخارج بينما ما يجب هو المطالبة بتوحد القيادات في الداخل ( اقصد بالداخل هو الجنوب ) ؛ وعلى قيادات الداخل أن تسمع إلى الناس وتتوحد وتخرج ببرنامج سياسي موحد يفرضوه - بالحجة الحسنة والموحِدة لشعب الجنوب والشرعية المستمدة من الشعب - على قيادات الخارج ليسعوا به إقليمياً ودولياً لتحقيق مطالب الشعب الجنوبي ؛ لأن الصحيح هو أن القيادات في الخارج تنفذ مطالب الشعب وممثليه الذين اختارهم كقيادة له وبرنامجه السياسي ؛ لكن الكارثة التي حصلت والتي أضعفت الحراك والجنوب هو أن قيادات الداخل أصبحت تسمع لقيادات الخارج وقيادتهم في صنعاء أكثر مما يستمعوا إلى الشعب فانقسموا وبالتالي انقسم الشعب فأصبح هناك أتباع لعلي ناصر وأتباع لعلي البيض وأتباع لحيدر العطاس - مع حفظ الألقاب - وأيضاً أتباع للزنداني و حزب الإصلاح ولكل قيادي في الداخل أتباع وأيضا كل واحد من قيادي الداخل ينفذ أجندة احد تلك القيادات السالف ذكرها ، وبالتالي أتباعه - اقصد من قيادي الداخل - أتباع لأي من القيادات السالف ذكرها ؛ فتقسم الشعب وتقسمت القيادات ولم يبقى احد ليكون تابع للجنوب وللوطن ، فلم يعد الشعب هو القائد ويحدد مصلحته ومصلحة الجنوب بل أصبح يحددها حسب أهواء ومصالح آخرين أو فئة معينة والمصيبة أن تلك الفئات ليست متفقة فيما بينها البين.
على قياداتنا في الداخل أن تعي الدرس وأنهم هم القادة الشرعيين فعليهم أن يتعاملوا ويتصرفوا على هذا الأساس.
أما مسالة الدعم فالشعب مستعد أن يستقطع من قوت يومه ومن رزقه ورزق أولاده وقد فعلها في بدايات الحراك ولازالوا إلى الآن وكذلك المغترِبون دعموكم لأنهم وثقوا بكم وآمنوا بالقضية ولم يريدوا زعامة أو يريدوا منكم أن تهتفوا بأسمائهم في كل الفعاليات وترفعوا صورهم ؛ وأولئك الناس البسطاء الذين استقطعوا من قوتهم قد عاشوا على كسرة خبز وماء طيلة عشرون عاماً ونهضوا كالمارد وهم جوعا وبطونهم خاوية وهزوا أركان الطاغية علي عبد الله صالح ونظامه وشركائه وحلفائه ، وسنوا سنه للشعوب العربية ؛ ألا يكفيك فخراً أن تكون مِثلهُم ومُمَثِلَهُم وان يكون ولائُك لهم وان يكون دعمك مِنهُم ، فحين تكون كل ذلك تكون فعلاً قائدهم.
(((( لا احد يستطيع أن ينتصر على نظام الحكم في اليمن الشمالي و لا احد يستطيع أن ينتزع استقلاله ، و لا احد عظيم في ثورته و لا احد مارد في نهضته و لا احد عريق في حضارته و لا احد خلاب في سلميته و لا احد نبيل في مطلبه و لا احد نبراس في حريته و لا احد قبس للأحرار من بعده ؛ شعب الجنوب لا احد )))) وضاح م. السقلدي
وضاح م. السقلدي