عقيل الحـلالي (صنعاء) - تظاهر عشرات آلاف المحتجين اليمنيين، أمس الجمعة، في صنعاء ومدن رئيسية أخرى، وهم يرفعون شعار “القضية الجنوبية قضيتنا”، في إشارة إلى ما لحق بـ”الجنوبيين” من ظلم بعد حرب عام 1994. ومنذ مارس 2007، يشهد جنوب اليمن حركات احتجاجية متصاعدة مطالبة بـ”فك الارتباط” مع الشمال، على خلفية اتهامات لـ”الشماليين” بالاستيلاء على الثروة والسلطة في هذا البلد المضطرب من سنوات. وردد المتظاهرون هتافات مؤيدة لـ”الجنوب”، وطالبوا بـ”حل عادل للقضية في الإطار الوطني”، أي تحت سقف الوحدة اليمنية، وهو السقف الذي ترفضه فصائل جنوبية بارزة. وقال متظاهرون، إن “حل القضية الجنوبية يجب أن يتخطى الشعارات إلى رد المظالم لأصحابها”. يُشار إلى أنه ومنذ تنحي صالح عن السلطة، بعد قرابة 34 عاماً، بات “الجنوبيون” يسيطرون على أهم المناصب الحكومية في اليمن، وهي رئاسة الدولة، ورئاسة الحكومة، ووزارة الدفاع.
إلى ذلك، طالب حزب “الإصلاح” الإسلامي، الشريك في الحكومة الانتقالية اليمنية، أمس الجمعة، الرئيس المؤقت، عبدربه منصور هادي، وسلفه علي عبدالله صالح، بالاعتذار رسمياً عن الحرب الأهلية التي اندلعت في صيف 1994، فيما تظاهر عشرات آلاف المحتجين اليمنيين، للمطالبة بـ”حل عادل” للقضية الجنوبية، المتفاقمة منذ مارس 2007. وكان “الإصلاح”، وهو الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، حليفاً رئيسياً للرئيس السابق علي عبدالله صالح ضد نائبه الأسبق علي سالم البيض، الذي أعلن الانفصال، من طرف واحد، في 21 مايو 1994، عشية الذكرى السنوية الرابعة لتوحيد اليمن، ما أدى إلى اندلاع حرب بين الشمال والجنوب، استمرت شهرين، وانتهت بانتصار ما عُرف آنذاك بـ”قوات الشرعية” بقيادة صالح.
وقال عضو الهيئة العليا لحزب الإصلاح، محمد قحطان، لـ”الاتحاد”: “يجب على صالح أو من تولى مهامه (في إشارة إلى الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي) الاعتذار عن هذه الحرب”، التي تسببت بسقوط آلاف القتلى والجرحى، وخسائر مالية تجاوزت 11 مليار دولار. وأُجبر صالح على التنحي، نهاية فبراير الماضي، بعد عام من موجة احتجاجات عنيفة، ووفق خطة لنقل السلطة قدمتها دول مجلس التعاون الخليجي. وأضاف قحطان: “يجب على النظام السابق الاعتذار عن الممارسات التي مورست بعد حرب 94”، في إشارة إلى إقصاء آلاف الموظفين المدنيين والعسكريين “الجنوبيين” من مناصبهم، واستيلاء نافذين “شماليين” على ممتلكات عامة وخاصة في الجنوب. ويعد هادي، الذي عيّنه صالح في مايو 1994، وزيراً للدفاع، القائد العسكري الفعلي لقوات الشمال في الحرب الأهلية، وقد كافأه الرئيس السابق، بعد الانتهاء من الحرب، بأن عيّنه نائباً له، بدلاً عن البيض الذي فر إلى الخارج.
ورفض القيادي في حزب “الإصلاح” الرد على سؤال حول موقف حزبه من دعوات له بالاعتذار أيضاً عن هذه الحرب، لكونه قاد حملتين، دينية وشعبية، غير مسبوقتين، لدعم القوات التابعة لصالح ضد “الانفصاليين”، قبل أن يشارك في حكومة ائتلافية “ثنائية” مع الطرف المنتصر في الحرب، استمرت حتى عام 1997. وفي أواخر مايو الماضي، أشاد الرئيس اليمني السابق، في مقابلة تلفزيونية، بدور حزب “الإصلاح” في حرب الأهلية، التي قال إنها “لم تكن شطرية بين الشمال والجنوب، وإنما كانت بين الشرعية الدستورية لدولة الوحدة، وبعض القيادات في الحزب الاشتراكي” التي أعلنت الانفصال.
وتزعم “الإصلاح”، أبرز مكونات تكتل “اللقاء المشترك” - الذي يضم أيضاً الحزب الاشتراكي وثلاثة أحزاب أخرى - العام الماضي، موجة احتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس صالح مطلع 2012. ويوم الاثنين الماضي، جدد الحزب الاشتراكي اشتراطاته السابقة، والتي تضم 12 مطلباً من بينها الاعتذار رسميا عن حرب صيف 1994، من أجل المشاركة في الحوار الوطني، المزمع عقده مطلع العام المقبل، بموجب اتفاق نقل السلطة. وأعلنت قيادة “اللقاء المشترك”، الخميس، موافقتها “مبدئيا” على النقاط الـ12 التي قدمها الحزب الاشتراكي للرئيس هادي والحكومة الانتقالية.ومن المتوقع، أن يتظاهر عشرات الآلاف من “الجنوبيين”، اليوم السبت، في مدينة عدن الساحلية (جنوب)، لإحياء الذكرى السنوية الثامنة عشرة لـ”يوم الأرض”، في إشارة إلى سيطرة قوات صالح على “الجنوب” في 7 يوليو 1994. ودعت حركة احتجاجية شبابية في صنعاء، إلى التظاهر، اليوم السبت، تحت شعار “7 يوليو نكبة وطن”، للمطالبة بـ”الاعتذار الصريح للجنوب”، و”إزالة آثار حرب صيف 94 والفتاوى الجائرة”، التي أطلقها علماء دين ينتمون لحزب الإصلاح.