اليمن: وزيرة حقوق الإنسان تجمد نشاطها.. وتتهم حزب صالح بإجهاض التسوية السياسية
جمدت وزيرة حقوق الإنسان اليمنية، حورية مشهور، نشاطها في حكومة الوفاق الوطني، واتهمت الوزيرة من وصفتهم بـ«بقايا» نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح بالسعي لإجهاض التسوية السياسية الجارية في اليمن، وذلك ردا على الحملة التي استهدفتها، أمس، من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه صالح والتي وصفتها بأنها تستهدف استعداء المجتمع للوزيرة على خلفية مشاريع قرارات تقدمت بها إلى مجلس الوزراء وبينها مقترحات بإلغاء قانون الحصانة الذي أقره البرلمان لصالح الرئيس السابق وكبار معاونيه.
وقالت مشهور لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ومع الأسف الشديد يبدو أن من تبقى في حزب المؤتمر الشعبي، لأن أكثرهم قد انسحبوا، لا يدركون حرج هذه المرحلة واستحقاقاتها وارتباط الجميع باتفاقية تقضي بتسليم سلمي للسلطة بدأت في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) وتم إنفاذ نقطتين محوريتين فيها وهما تشكيل حكومة الوفاق في 10 ديسمبر (كانون الأول)، 2011 وإجراء الانتخابات الرئاسية في 21 فبراير (شباط) الماضي». وأضافت «هم الآن يسعون لإبطاء مسألة هيكلة القوات المسلحة والأمن لتحقيق أمن واستقرار البلاد، وتعطيل وإرباك الحوار، ومنع صدور قانون العدالة الانتقالية وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في أحداث 2011 وإشغال وإرباك حكومة الوفاق بالهجوم المستمر على وزراء بعينهم في الحكومة وفي مقدمتهم رئيس الوزراء، ووزير المالية ووزير الشؤون القانونية ووزير النقل ووزير الكهرباء ووزيرة حقوق الإنسان»، ثم تردف «أنا شخصيا منزعجة من محاولة إثنائي عن تعزيز حقوق الإنسان بمحاولات التوظيف الرخيص والاستغلال غير الأخلاقي لنصوص الشريعة الإسلامية بأن نسبوا إلي أمور أنا أربأ بنفسي عن الخوض فيها».
وذكرت الوزيرة مشهور أن أكثر ما يزعج حزب صالح هو «توصيات مجلس حقوق الإنسان المطالبة للحكومة اليمنية بإلغاء الحصانة لأن شرعة المجتمع الدولي لا تعترف بحصانات لمنتهكي حقوق الإنسان ولمرتكبي جرائم ضد الإنسانية»، وأن «التوصية الخاصة بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في انتهاكات حقوق الإنسان هي الأخرى قد أزعجتهم، وقد عمل وزراء محسوبون على المؤتمر في حكومة الوفاق على تعطيل إقرار تشكيل اللجنة المستقلة أكثر من مرة وكذلك توصيات مجلس حقوق الإنسان، وما عدا ذلك من توصيات خاصة بالحقوق السياسية والاجتماعية فقد سبق لحكومات المؤتمر الشعبي العام أن أجازتها أكثر من مرة وإن كان دون تنفيذ واليوم يدعون زيفا وكذبا غيرتهم على قيم المجتمع اليمني المسلم والمحافظ».
وحول تجميدها لنشاطها في الحكومة، قالت الوزيرة مشهور لـ«الشرق الأوسط» إنه لا جدوى من «أن أذهب إلى الاجتماعات وأجد صدى مستمرا بعدم الالتزام بقضايا حقوق الإنسان، وتعطيل وإرباك مستمر لهذه القضايا ولإنفاذ استحقاقات المبادرة وآليتها التنفيذية وقراري مجلس الأمن 2014 و2051 وتوصيات مجلس حقوق الإنسان وتوصيات اللجنة الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، وهم بذلك لا يريدون لحكومة الوفاق أن تحقق أي تقدم يذكر في مجال حقوق الإنسان وسوف يحملوننا وزر الإخفاق في هذا المجال». واتهمت مشهور وسائل إعلام حزب المؤتمر الشعبي العام بتجاوز الخطوط الحمراء بـ«تكفيري واستعداء المجتمع المسلم المحافظ ضدي كذبا وزورا وبهتانا وتضليلا وتدليسا، ولذا فأنا من خلال تصريحات لكم أعتبر هذا بلاغا للنائب العام للتحقيق في تهمة القذف والتشهير والإرهاب الذي تمارسه هذه الوسائل ضدي».
وتشهد حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة والتي هي بالمناصفة بين أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة (سابقا) وشركائها وحزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه، خلافات حول تطبيق الكثير من بنود المبادرة الخليجية، وبهذا الخصوص تقول الوزيرة مشهور: «لقد حاولنا تحمل كثير من الممارسات من قبل بعض الأطراف حفاظا على الوفاق وإنجاحا للتسوية السياسية إلا أن جدية هذا الطرف (المؤتمر الشعبي) غير ملموسة وإلا كيف يمكن تفسير الضغط على مجلس الوزراء لتمرير قانون الحصانة بأيام معدودة، بينما قانون العدالة الانتقالية وقرار تشكيل لجنة التحقيق المستقلة وقرار إنفاذ توصيات المرجعيات الدولية معطلان حتى اليوم، ناهيك بقضايا مهمة مثل إطلاق المعتقلين والسجناء السياسيين ورعاية أسر الشهداء وجرحى الثورة واستمرار كثير من الأعمال المربكة لهذه المرحلة».
في موضوع آخر، أشهر في اليمن، أمس، رسميا حزب اتحاد الرشاد السلفي في حفل حضره عدد من المسؤولين اليمنيين في حكومة الوفاق الوطني، وهو أول حزب سلفي يعلن عنه في اليمن والذي وجد طريقه للإشهار بعد سقوط نظام الرئيس علي عبد الله صالح. وفي حفل الإشهار، هاجم مسؤولو الحزب القرار الرئاسي الذي صدر أول من أمس، بتشكيل اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، لأنها، بحسب زعمه، لا تمثل كافة القوى السياسية على الساحة اليمنية، ووصفها أمين عام الحزب، عبد الوهاب الحميقاني بأنها «صورة من صور الاستبداد السياسي ولن يوصل ذلك إلا إلى حوار كسيح مشلول ما لم يستكمل تشكيلها على أسس وطنية وعادلة». وأكد السلفيون اليمنيون أنهم سيكونون على مسافة واحدة من كل الأطراف في الساحة اليمنية.
إلى ذلك، تستمر الأوضاع الأمنية في التدهور بوسط العاصمة صنعاء، في وقت تواصل لجنة الشؤون العسكرية عملها باتجاه إعادة هيكلة مؤسسة القوات المسلحة والأمن بمساعدة فريق فني أميركي، وبعد أيام على مقتل 10 من طلاب كلية الشرطة في هجوم انتحاري، قتل شاب، فجر أمس، في انفجار حقيبة ملغومة وضعت بمنطقة حزيز في جنوب العاصمة صنعاء، وحسب مصادر أمنية فإن شابا يدعى «صدام»، وجد الحقيبة في الساعات الأولى من الفجر عندما كانت متروكة في الجزيرة بوسط الشارع الكبير الذي يؤدي إلى خارج العاصمة صنعاء، وقام بفتحها حيث انفجرت فيه وحولته إلى أشلاء، وبعد حضور قوات الأمن والأدلة الجنائية تبين وجود حقيبة أخرى ملغومة بالقرب من نفس المكان، ورجحت مصادر أمنية أن تكون الحقيبتان المفخختان وضعتا لاستهداف رتل عسكري كان مقررا أن يمر من الشارع الذي يؤدي إلى عدد من المعسكرات، بينها معسكرات الحرس الجمهوري.
وقالت وزارة الداخلية اليمنية، إن أجهزتها شرعت في التحقيق في الحادث لـ«معرفة المتورطين فيه وضبطهم»، ودعت الأجهزة الأمنية «الإخوة المواطنين إلى عدم التعامل مع أي مقذوفات أو أجسام مشبوهة وإبلاغ أقرب مركز شرطة في حالة عثورهم على أي جسم مشبوه حفاظا على سلامتهم وحياتهم».
من ناحية أخرى، تواصل لجنة الشؤون العسكرية الخاصة بإزالة المظاهر المسلحة، عملها باتجاه بلورة رؤية كاملة لعملية إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن في ضوء ما نصت عليه المبادرة الخليجية، وناقشت اللجنة، أمس، مع فريق فني يمني وآخر أميركي، إعداد التصورات واتجاهات العمل لتنظيم وتحديث وتطوير وإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، ويرأس الفريق الفني الأميركي الذي يساعد اللجنة العسكرية، نائب مدير الخطط والبرامج في القيادة العسكرية الأميركية الوسطى، العميد رولف جروفر، وقد جرت مناقشة «ما توصل إليه الفريق الفني من عمل ومن خطط وبرامج تطويرية للقوات المسلحة وفق الخطة الزمنية المنطلقة من رؤية يمنية متخصصة ومستندة إلى التوجهات العامة للجنة الشؤون العسكرية حول تنظيم وتطوير وهيكلة القوات المسلحة والأمن والمستندة إلى بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة».
"الشرق الأوسط"[img]
[/img]